البحث عن الذات يتعدد ويتشعب لدى جيل الشباب وطريقهم وعرة مليئة بالأشواك والمطبات. فهناك من أعطى عقله إجازة طويلة المدى وشغل ذاته بصرعات الموضة الحديثة وإشغال النفس بكل ما يرفه عنها ويبعد عنها الكدر والضجر فيهدر عمره لاهياً عابثاً جارياً وراء الملذات، وقد يفيق من غيبوبته الاختيارية في الوقت الضائع بعد أن ولى العمر وذهب الشباب ونفدت طاقاته فيجد نفسه خالي الوفاض لم يحقق شيئاً.
ومن أعمل عقله فسيجد نفسه محاطاً باتجاهات متعددة خاصةً في السياسة و الدين وهؤلاء طريقهم شاق قد يتجاوزونها بسلام أو يصابون بانتكاسة قد تؤثر على حياتهم ومستقبل أمتهم . فالمشاركة السياسة لها وسائلها فمن الحوار واللقاء والاندماج في مؤسسات شرعية إلى التطرف والعنف وإلغاء الآخر.
ومن لجأ إلى الدين يجد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.. مذاهب وطوائف وتجمعات ومنظمات تتجاذبه فإما أن يسلك طريق الاعتدال والوسطية أو طريق الجبال والعمل السري وحمل البنادق والخناجر والأحزمة الناسفة.
والكثيرون ممن انشغلت عقولهم بالعلم والمعرفة قد لا يجدون مكاناً في ظل الفساد والروتين والمحسوبية. فضاقت بهم أرض أوطانهم وكان ملجؤهم الوحيد أن يحملوا حقائبهم ويرحلوا لاستنشاق نسمات الحرية, ويبحثوا عمن يتبنى ويقدر علمهم وفكرهم. ومنهم من أبدعوا وحققوا ذواتهم وصاروا أعلاما يشار إليهم بالبنان في جميع فنون العلم والثقافة، وآخرون تاهت بهم السبل ولم يحققوا شيئاً.
ومن اللاهي العابث مروراً بالغاضب الناقم إلى المهاجر بعيداً عن حدود وطنه نجد المرابطين الذين أوجدوا لهم مكاناً في أوطانهم. فكانوا مصابيح تنير ظلمات مجتمعاتهم في السياسة والدين والعلم والثقافة